من جيل الأباطرة

من ذاكرة الدراويش نتحدث عن جيل الأباطرة التي تواجد فيها افل لاعبي مصر في الثمانينات و منهم الراحل محمد حازم
محمد حازم - عماد سليمان - علي أغا - طارق الصاوي - حمادة الرومي - علي يونس - محسن عبد المسيح - خالد القماش - فوزي جمال - علي غيط - هم جيل أباطرة الدراويش علي مر العصور - و هم جيل من الصعب ان يتكرر و بل يستحيل ان يتجمع - ليس في اجيال ابناء الرداء الاصفر - بل في كل الفرق الكروية
جيل أباطرة عظماء و اصحاب مواهب كروية حرفية علي مستوي مهاري خرافي في كل خطوط الفريق
و من الاقوال الشائعة عن ذلك الجيل المتفرد , انه لم يحرز بطولات و هذا القول قد جانبه الصواب تماما - من حيث ان ذلك الجيل هو الأب الشرعي لكل البطولات التي احرزها الدراويش لاحقا . كون هذا الجيل العظيم كان حلقة الوصل بين جيل العظماء علي ابو جريشة و سيد عبد الرازق و شحتة و حسن مختار و ميمي درويش و زملائهم و قد حافظ جيل الأباطرة علي المستوي الدراويشي المميز من حيث المستوي الفني المهاري و القيادي الرائع ليواصل الاجيال التي بعدهم التفوق الذي مكنهم من احراز بطولات للدراويش
و لا نبالغ ان قلنا ان أية ملامح ابداع من الاجيال التي تلت جيل اولئك الأباطرة ما هي الا ملامح من ابدعات الأباطرة الكبار
فمن شاهد المرحوم محمد حازم رحمة الله عليه - لابد ان يثق ان من جاء بعده لابد انه يحاول الوصول الي مستواه رحمة الله عليه
و من تمتع بمهارات المرحوم حمادة الرومي - لا يجد مهارات من بعده الا قليلا من ابداعات ابو عبد الله
و من يراقب انطلاقات المهاجمين بالنادي الاسماعيلي لابد ان يجد نفسه في مقارنة مع الكابتن عماد سليمان ذات الادء المميز
و من انتزعت منه مهارات و تمريرات و اصرار الكابتن علي يونس - لابد ايضا ان يحرص علي التخيل لو كان هناك شبيه لعلي يونس حاليا
و من شاهد الامكانيات البدنية و اللياقة و المرونة للمرحوم علي أغا - رحمة الله عليه لسوف يتمني ان يمن الله تعالي بمثله لحراسة مرمي الدراويش
باختصار شديد إنه جيل من أباطرة حريفة مهارية مخلصة استطاع ان يحفر له مكانا في قلوب و وجدان عشاق الفن البرازيلي المصري - عشاق الدراويش
كما كان جيل الستينات محظوظا بوجود الكابتن رضا – رحمة الله عليه و هو الذي ارسي دعائم الفن الكروي الاسماعلاوي لدرجة أن تم إطلاق عبارة ( فرقة رضا للفنون الكروية ) علي فريق النادي الاسماعيلي و كان وجود الكابتن رضا سببا مباشرا في العودة الي دوري الأضواء و قدم الراحل الكبير أجمل سيمفونية كروية مازالت أصدائها الرائعة تتردد في سماء الاسماعيلية و مصر كلها – حتي كان رحيله المفاجئ في سبتمبر 1965 ليصبح عنوانا للصمود و الإصرار لكل فريق الاسماعيلي ليواصل طريق كان قد رغب به الراحل الغالي الي درع الدوري لموسم 66-67 كأجمل هدية تقدم الي روح الفقيد الغالي
و كما كان الكابتن علي ابو جريشة اطال الله في عمره و متعه بالصحة و العافية , علامة بارزة في جيل السبعينات و أفضل لاعبي مصر و إفريقيا و استطاع بموهبته و أخلاقه العالية إخراج الاسماعيلي من المحلية الي العالمية و نقل النادي الاسماعيلي الي عصر جديد من البطولات و النجاحات بشكل غير مسبوق
كما أوجد الساحر علي ابو جريشة من بعده جيلا مميزا لعب بجواره و كانوا علامات فارقة في تاريخ النادي و منهم الكابتن محمد حازم – رحمة الله عليه هو العلامة البارزة في جيل الثمانينات و بالفعل كان جيلا محظوظا بوجود حازم العملاق صاحب الموهبة التي لم تتكرر في الملاعب المصرية و أصبح جيل الثمانينات جيلا مميزا بكل معني الكلمة و ان لم يحالفهم الحظ في إحراز بطولة ما للنادي بسبب ظروف نعلمها جميعا و لكن أطلق علي ذلك الجيل الرائع – جيل الأباطرة – بسبب ما تحتوي هذه الكلمة من معاني فنجد في هذا الجيل أسماء لم تتكرر فمنهم حمادة الرومي رحمة الله عليه و عماد سليمان و محمود حسن و علي اغا – رحمة الله عليه و محسن عبد المسيح و علي غيط و خالد القماش و طارق زين و علي يونس و طارق الصاوي و عصام الحسيني و ابو طالب العيسوي و سيد توفيق غيرهم من المواهب التي لو توفرت لها الظروف الملائمة لحصدت كل البطولات التي نافست عليها و لكن - جيل الأباطرة قد نجح في ايجاد اسس توجها الجيل الذي والاه في اعادة بطولة الدوري في عام 1991 من خلال مجموعة ارتبطت بجيل الاباطرة و حققت احلامهم في استعادة درع الدوري بعد 24 عاما بالتمام و الكمال .
و في أوج تألق و ابداع العملاق محمد حازم امبراطور و زعيم جيل الأباطرة - فوجئ الوسط الكروي بمصر برحيل الكابتن محمد حازم اثر حادث اليم في 11-11-1986 و تبعه بأيام قلائل رحل الحارس علي اغا – رحمة الله عليهما
و كان خبر رحيل حازم صعبا علي كل لاعبي الفريق الذي كان اقترب قبلها مباشرة من الوصول الي كأس افريقيا و كانت أعظم أماني الكابتن حازم هي اهداء تلك البطولة خصيصا الي جماهير النادي الاسماعيلي التي طالما غنت و شدت بأجمل الاغاني و الأهازيج لنجم الاسماعيلي – لكي يرد لها الجميل و كانت كلماته بعد الخروج من الدور قبل النهائي للبطولة ذاتها – عنونا يقطر ألما و حزنا علي ضياع الامل الغالي
و لكن بعد ايام من الخروج الافريقي الحزين – رحل حازم تاركا اللوعة و الحزن في نفوس جماهير النادي و لاعبي النادي و حتي موظفي و اداريو النادي كان رحيل حازم مؤلما للجميع و لكن لا راد لقضاء الله سبحانه و تعالي
حتي كانت منطقة خلوصي بحي شبرا و التي كان يقطن بها حازم و عاش مشجعو الدراويش بها أجمل ايام تألق نجمها المحبوب و كان تواجده القصير بتلك المنطقة فرصة نادرة لتجمع محبي الفريق في مناطق عرفت انها مقر دائم لمحبي الدراويش و برحيل نجم الدراويش المفاجئ تحولت تلك المنطقة الدرويشية الي مأتما كبيرا استقبل العديد من محبي الاسماعيلي و كل جماهير الكرة المصرية و توافدت كل وفود الاسماعيلية الي منطقة خلوصي لحضور جنازة و مأتم الراحل الغالي
و في صباح يوم 12/11/1986 كان شارع حسن بهجت نقطة انطلاق و خروج الجنازة لوداع نجم الدراويش الي مقره الاخير و ازدحم الجمع امام منزل حازم بشكل غير مسبوق و كنت متواجدا بالدقيقة و الساعة للمشاركة في هذا الحدث الجليل بحكم اني من سكان المنطقة و من عشاق النادي و النجم الراحل – و محاولة من جيران الراحل العظيم – حاول الجميع التنسيق باحضار مقاعد و ( كنب ) باي شكل لجلوس وفود الحاضرين و كانت جلستي بجوار الكابتن عصلم الحسيني و ابو طالب العيسوي و علي غيط – كان بكاء أولئك النجوم مريرا صامتا من هول المفاجأة و ابكوا الجميع علي رحيل زميلهم و رفيقهم داخل الملاعب و خارجها و كانت الجماهير من هول الصدمة غير مصدقة رحيل نجم الدراويش و المنتخب القومي و كانت فعلا فاجعة تبلورت تماما بحضور أصدقاء الراحل و أحباءه من الحي الشبراوي العتيق في صحبة الدكتور طارق شقيق حازم الذي ذهب الجميع اليه في منظر مؤثر جدا ابكي الجمع و تفاعل الجميع مع الموقف و كان من الحاضرين الكابتن علي غيط الذي احتضن الدكتور طارق شقيق حازم ليواسيه و انقلب الحال و اصبح الدكتور طارق هو من بواسي الكابتن علي غيط لشدة بكاء غيط و تأثره بفقدان حازم رحمة الله عليه كما كان الكابتن عصام الحسيني حارس المرمي الاسبق للدرراويش
كانت جنازة المرحو حازم باذن الله تعالي عنوانا لفقدان امبراطور و زعيم جيل الاباطرة الذين ذكرت اسمائهم مسبقا .... و كعادة الزمان اعتزل ذلك الجيل المبهر الجميل و صعد نجم البعض منهم فترة و خبي فترات طويلة و كأن هذا الجيل خصيصا قد أعد مسبقا لتحمل بعض مسئوليات النادي عن طريق مدرسة الدراويش العريقة بقيادة الراحل محمد حازم – رحمة الله عليه
و بالفعل كانت فترات تأتي و سريعا ما تذهب بعدما تكون قد شهدت حضور افراد جيل الاباطرة علي اوقات متفرقة في تاريخ النادي الاسماعيلي العريق
و كأن القدر يخبئ و يدخر تألق احد نجوم هذا الجيل الرائع – الي وقت هو اشد اوقات النادي اضطرابا و عدم استقرارا بشكل غير مسبوق - هو الوقت الذي يعيشه النادي حاليا من خلال فساد اداري و تدهور الحالة المالية و سوء حالة فنية بالرغم من قوة الفريق الاول كأفرادا و صلت الي اختيار احد اعضاء الفريق كأفضل لاعب بالبطولة الافريقية الاخيرة التي اقيمت بغانا و حصلت مصر علي الكأس الافريقية السادسة في تاريخها بفضل الله تعالي ثم بجهود ابناء مصر و من ضمنهم لاعبي الفريق الاسماعلاوي الذين تم اختيارهم للمنتخب القومي سواء في فترات التجمع للمنتخب الذي وصل عدد لاعبي الدراويش الي ثمانية لاعبين دفعة واحدة و توجت بوجود الكابتن حسني عبد ربه علي رأس لاعبي افريقيا و المدافع هاني سعيد بالمنتخب الافريقي المختار بالاضافة الي تواجد لاعب تم اعارته الي نادي نركي تحت ضغط الحاجة الي المادة و الاخر يتم الاستغناء عنه باعارته الي نادي صيني بلا تاريخ و الباقية تأتي - سلبا علي الفريق و النادي
بما يعني ان التدهور الفني للفريق هو ناتج الحالة الادارية في المقام الاول من تواجد ادارة عجيبة و غريبة لا تعي من الادارة شيئا و علي رأسها شخص غريب عن النادي و عن الرياضة نفسها - اساء الي تاريخ النادي و الي نفسه بشكل غير مسبوق و الناتج كما قلنا – افراد الفريق في منتهي الروعة و لكن النتائج اقل من المتوسط و تصل الي تقدير ضعيف جدا - فالسبب واضح انها الادارة ثم الادارة ثم الادارة
و لكن سبحان الله العظيم - في وسط هذا التخبط الاداري - و لسبب ما – لا يعلمه الا الله تعالي – تم إقالة احد اسباب التأخر و الاضطراب الاداري و هو المدير الاداري للفريق و هو الحصن الحصين و المؤيد الأول للسيد رئيس النادي و صاحب نظرية المصفاة العجيبة - و يتم تعيين ( عن طريق الادارة نفسها ) لأحد أبطال جيل الأباطرة هو الكابتن علي غيط زميل و رفيق الكابتن حازم - رحمة الله عليه
هل كان يدخره القدر لكي يأتي غيط - و عن طريق تلك الإدارة العجيبة – لكي يصلح ما أفسدته تلك الإدارة
و لكي يكون هدفا متحركا - للسيد رئيس النادي - لاقالته بشتي الطرق الشرعية و غير الشرعية
ما هي العلاقة بين دموع الكابتن علي غيط علي رحيل الكابتن محمد حازم و بين تواجده في تلك المرحلة الحرجة جدا جدا في تاريخ النادي ليظهر احد أبناء النادي في وقت يتحكم في امور النادي بالريموت كنترول من قلب القاهرة و بكل تخطيط يسير بالنادي الي طريق مجهول سواء اداريا او ماليا و الي مستقبل مجهول تم تفريغ النادي من الناشئين و هم عماد و اعتماد النادي طوال تاريخه
كيف غاب الكابتن علي غيط و هو العقيد بسلك رجال الشرطة أصحاب الحزم و الانضباط في رحلة طويلة لخدمة الشرطة و مسلكها العسكري الشديد – و لماذا عاد في هذا الوقت تحديدا ليظهر انتماء و اخلاصا غير عاديا للنادي كان مثار تعجبا و اعجابا من كثير من جماهير النادي و في نفس الوقت كان غير مستحبا من عشاق الاتجاه المعاكس و كل ذلك في فترة قصيرة لا تتجاوز الثلاثة اشهر
هل هي تدابير قدرية من الله سبحانه و تعالي كي لا تستمر المأساة الي ما توقعه الجميع من انهيار النادي – رحمة بجماهير النادي و عشاقه في كل مكان و هل علي غيط قادر علي الاستمرار في ظل ظروف و مؤمرات وصلت الي فتح نيران مقالات مغرضة من مغرضين مكشوف مسلكهم و منهجهم العجيب المفضوح
مارس 2008