زووما و بيبو

جماهير النادي الاسماعيلي بطبيعتها جماهير ذواقة للفن الكروي الرفيع و ارتبطت دائما بالابداع الكروي البرازيلي
طوال انتماءها للفريق الدراويش عنوان كل الفنون و الابداع و كانت كل الاجيال الاسماعلاوية علي قدر كبير من المهارة الكروية عبر تاريخ طويل سطره عظماء الدراويش مثل الاسطورة رضا و الكونت دي شحته و الكابتن العربي و الجنتلمان صلاح ابو جريشة الي الهر الساحر علي ابو جريشة و الغزال اسامة خليل و الفنان حمادة الرومي و الكابتن احمد العجوز و الكابتن علي يونس و وصلا الي الكابتن حسني عبد ربه و علامات الجيل الحالي – يظل الاسماعيلي هو عنوان الفن و المهارة و الحرفية الكروية
مدرسة كروية مميزة هي الوحيدة التي مازالت تحتفظ بطابعها و رونقها الخاص من بين كل المدارس الكروية المصرية التي تغيرت جميعها تحت ظروف الاحتراف المزعوم الذي اضر بكل الاندية الغني و الفقير منها
و تلك الجماهير الاسماعلاوية تعلم جيدا كيف تفرق من بين الغث و الثمين باحساس عالي و فهم كبير بين المواهب الكروية في مختلف الاندية المصرية – و تعلم قيمة الفن و الابداع بكل حيادية و ادارك فني ملموس
لذلك لم يكن غريبا علي جماهير الدراويش ان تحتفي بوجود الكابتن محمود الخطيب نائب رئيس النادي الاهلي ضمن زيارة ادارة النادي لاهلي الي النادي الاسماعيلي مؤخرا – و بعيدا عن معني تلك الزيارة و جدواها – لايمكن ان يمر علي جماهير الدراويش كيف نادت جماهير الاسماعيلي علي الكابتن الخطيب و ذكرته بأنه كان لاعبا بالنادي الاسماعيلي كمعلومة لا يعلمها الكثيرون لم يعلق الخطيب نفسه علي ذلك وقتها
فالكابتن محمود الخطيب من مواليد 30 اكتوبر 1954 و كان يلعب في نادي النصر بضاحية مصر الجديدة حتي كان عمره 16 عاما و كان من عشاق طريقة اللعب البرازيلي المجسدة في فريق الدراويش حيث كان فريق الاسماعلاوي وقتها يحتوي عملاق الكرة المصرية في ذلك الوقت الكابتن علي ابو جريشة و كان من اشهر و افضل لاعبي مصر علي الاطلاق و مازال يشيد الخطيب بالكابتن علي ابو جريشة كلاعب مميز خلقا و لعبا
و بالفعل ذهب الكابتن محمود الخطيب الي مركز شباب الجزيرة للاختبار و الانضمام الي اشبال فريق الدراويش حيث كان النادي الاسماعيلي يتدرب في مقره المؤقت بمركز شباب الجزيرة أبان فترة التهجير
و تم اختيار الخطيب لاعبا باشبال الاسماعيلي و سافر مع الفريق الي الاسكندرية و لعب مباراة ضمن صفوف الدراويش و كون مع الكابتن اسامة خليل ( مواليد 1954 ) الناشئ بالاسماعيلي ثنائيا رائعا استطاعا لفت الانظاربسرعة
صورة لمنتخب مصر و يظهر فيها الغزال اسامة خليل كابتن المنتخب و الكابتن محمود الخطيب
و لكن لم يوقع الخطيب للنادي الاسماعيلي حيث كان مقيدا بنادي النصر وقتها و استمر الخطيب بالتدريب مع الاسماعيلي – حتي انقطع مرة واحدة و استطاع الكابتن فتحي نصير مدرب الخطيب مدرب اللياقة البدنية بالثانوية الرياضية و بمساعدة الكابتن الشيوي حولا طريق الكابتن الخطيب الي النادي الاهلي و ظل يتدرب عاما كاملا بالنادي الاهلي دون الحصول علي استغناء من نادي النصر حتي تمكن مسئولي الاهلي من الحصول علي استغناء الخطيب و تسجيله بالنادي الاهلي ليلعب تحت فريق 18 بالاهلي و يلعب مباراته الكبرى الشهيرة ضد نادي الزمالك و يسجل ثلاثة اهداف من سبعة اهداف فاز بها الاهلي علي الزمالك مقابل هدف واحد لينطلق بعدها النجم الشهير ليحجز مكانا مميزا ضمن نجوم الكرة المصرية
و في مباراة تكريم سيد عبد الرازق بمناسبة اعتزاله مع نادي الزمالك في اكتوبر 1977 كان الخطيب ضيف شرف بالمباراة و كانت بداية ظهور نجم الكابتن محمد حازم رحمة الله عليه مواليد 7\6 /1960 و كان كلاعب مميز و فنان كبير و قائد مميز بالملعب و بدأت ملامح صداقة قوية بين الخطيب و حازم و كانت مباراة الاسماعيلي و الاهلي بالاسماعيلية التي انتهت بفوز الاهلي بهدف احرزه جمال عبد الحميد و احداث الشغب التي صاحبت تلك المباراة و برز وقتها شخصية الكابتن محمد حازم كشخصية قيادية في الحد من تشابك لاعبي الفريقين و التي اندلعت شرارتها بسبب اعتداء لاعب الاهلي شطة علي حمادة الرومي حسب ما اثبت ذلك تقرير الحكم احمد بلال
بعدها اصبح الخطيب و محمد حازم اصدقاء خارج الملعب و متنافسين شرفاء داخل الملعب حيث جمع بينهما الكثير من المباريات قدما من خلالها لمسات فنية رائعة كانت تحوز علي اعجاب المشاهدين و لم تكن هناك اساليب خطف اللاعبين من النادي الاسماعيلي بحجة الاحتراف الوهمي البغيض – بل ان كان نجوم كل فريق حريصين و محبين لفرقهم دون طمع و جشع سواء من الادارة او من اللاعبين و انعكس ذلك علي علاقات الجماهير و تفاعلهم مع انديتهم و مع الاندية الاخري بكل تنافس شريف
كما كثيرا ما جمعت مباريات دورات رمضانية بشوارع حي شبرا بالقاهرة الخطيب مع محمد حازم و نجوم الاهلي اكرامي و مصطفي يونس و مصطفي عبده و نجوم الاسماعيلي عماد سليمان و علي يونس و غيرهم من نجوم الكرة المصرية و كانت تقام بشارع – المقسي – بالقرب من دوران شبرا بتنظيم من نجم الزمالك السابق عنترسعيد و كثيرا ما شاهدت شخصيا تلك الامسيات الرمضانية الرائعة
و كان عند انضمام النجمين الكبيرين الي المنتخب القومي كانا لا يفترقان و كان نداء الخطيب لحازم : زوما و كان بطبيعة الحال حازم يناديه : بيبو بالاسم الشهير للكابتن الخطيب
و جمع بينهما معسكر المنتخب القومي لمنافسات بطولة الامم الافريقية لعام 1986 و فازت مصر بكأس البطولة تحت اشراف الكابتن الاسماعلاوي شحتة رحمة الله عليه و معه المدير الفني للمنتخب جون مايكل شميث
و قبلها في 29 يناير 1986 اقيمت مباراة ودية مع منتخب انجلترا ابدع فيها النجم حازم و قدم اجمل مبارياته مع المنتخب علي الاطلاق و لازمه سوء حظ غريب و لم يسجل اهدافا بسبب تالق الحارس شيلتون العملاق بالرغم من المستوي الراقي الذي قدمه حازم و نال الكثير من تشجيع الخطيب و تعليقاته المشجعة
حمل كليب عن المباراة مع منتخب انجلترا
ثم كانت منافسات البطولة الافريقية للاندية ابطال الكئوس التي جمعت ناديا الاسماعيلي و الاهلي بالبطولة نفسها و وصل الفريقان الي الدور قبل النهائي و التقيا في المباراة الاولي بالقاهرة و انتهت بالتعادل 0-0 ليقترب الاسماعيلي من الصعود و لكن انتهت مباراة العودة و التي اقيمت في 24 اكتوبر 1986 بالتعادل الايجابي بهدف لهدف و احرز الكابتن محمد حازم هدف الاسماعيلي و هدف الاهلي احرزه حسام حسن و كان الخطيب اول من حرص علي مواساة الكابتن حازم عقب المباراة في غرف اللاعبين
,و ليصعد الاهلي بنتيجة المباراتين الي المباراة النهائية للبطولة امام سوجارا بطل الجابون و يفوز بالكأس الافريقية التي كانت اقرب ما تكون الي النادي الاسماعيلي و كانت خسارتها مصدر حزن و ألم لكابتن الدراويش محمد حازم رحة الله عليه و لازمه ذلك حتي وفاته – بالحادث الشهير في 11-11-1986 - رحمة الله عليه في خبر صاعق و مفاجئ لكل عشاق الكرة المصرية بمختلف انتماءتها
ثم تم تنظيم مباراة لتأبين الكابتن محمد حازم بالاسماعيلية و حرص النادي الاهلي ان يكون طرفا في تلك المباراة الحزينة التي أبكت الجميع و منهم الكابتن محمود الخطيب الذي حرص علي احتضان صورة الكابتن حازم في منظر لا يمكن ان يمحو من ذاكرة كل من تابع تلك المباراة
و كانت المباراة صعبة جدا علي رفقاء الكابتن حازم و خاصة من الكابتن عماد سليمان رفيق مشوار حازم منذ كانا سويا في ناشئين النادي – و لم يتمالك كل من في الملعب و امام شاشات التليفزيون و بدأ الجميع في البكاء عندما هتفت الجماهير النداء الذي ارتبط بحازم : ياللا يا حازم ..صحي النايم حط الكورة جول الجول ... حاااااااااااااازم حااااااااااااااااازم
رحمة الله علي الكابتن حازم و غفر له و ادخله الجنة بفضله و كرمه
و رحم الله الزمن الجميل الذي كان فيه نجوم الكرة المصرية اخوان متنافسين شرفاء و انعكس ذلك علي اخلاقيات التشجيع و سلوكيات الجماهير
د. عاطف درويش ديسمبر 2007
د