بقلم الأستاذ فراج إسماعيل .. 21/12

حكم القوي ....جاهد المزارع الغلبان عبدالعزيز في محاولة اقناع المذيع معتز الدمرداش والممثل حسين فهمي بأن الأرض الزراعية لقرية "المريس" في الأقصر....
تبيض ذهباً وحرام أن تصادرها الحكومة لصالح مراسي الفنادق العائمة ومشروعات سياحية تدخل جيوب "الوطاويط" أو المستثمرين الذين يهبطون فجأة ليمتصوا البلد ويحرقوا الأخضر واليابس!
"فهمني يا عم عبدالعزيز تبيض ذهب إزاي.. فالموضوع خطير.. الفدان بيجيب كام في السنة"؟!.. هكذا سأله معتز.
يرد عبدالعزيز بجلبابه وعمامته التي تعكس فقره وحاجته وأولاده لكل قصبة في أرضه "80 طن يا باشا.. يعني 20 ألف جنيه.. الأرض دي عرضي وشرفي كيف أفرط فيها "؟!
يبادره معتز مصطنعا الجدية "هي 80 طن دي حاجة.. شوف محمود بيه الادريسي قال إيه عن المنطقة التي حتكون دبي جديدة"!
يقاطعه حسين فهمي "لاحظ يا معتز أنه يقول عنها إنها عرضه.. هو بالضبط يقصد كده العرض والشرف"!
هنا تتملك كل فصاحة العربية وبلاغتها عم عبدالعزيز ليشرح ما غاب تماما عن مستر معتز ومستر حسين كما كان يخاطبهما المستثمر الشاب محمود الادريسي وهو للعلم ابن عائلة ثرية في المنطقة، بنت ثروتها من السياحة والأثار، وترتبط بعلاقات قوية مع مراكز النفوذ في الدولة.
قال عبدالعزيز "المعنى مش في الـ80 طن ولا العشرين ألف جنيه. انت حتحولها سياحة فمن أين ستعوض ثمرة المانجا دي – يمسكها في يده – ومن سيعوض القمح وقصب السكر والطماطم والفول والعدس.. حنجيبها من الصين ولا من سنغافورة"؟!
الحكاية بالضبط أن الدولة الصهيونية المصرية قررت استمرار تعسفها وحصارها غير الآدمي للآدميين في بر مصر. صحيح أنها لن تستطيع أن تبني جدارا أسمنيا ليموتوا جوعا كما تفعل حاليا في رفح مع الحدود مع غزة متكلفة ملايين كان الأولى توجيهها للغلابة والمرضى الذين يرحلون عن حياتنا كل يوم لمجرد عطسة أو حرارة مرتفعة لأنهم لا يملكون ثمن الاسبرين أو الليمون، لكنها – الدولة – قررت طرد الناس من بيوتهم وتبوير أرضهم!
قريتا المريس والطود في الأقصر من أجود الأراضي الزراعية، عليها بيوت أهلها ومن خيرها يعيشون ويتداوون ويصرفون على أولادهم في المدارس. الوطاويط طاروا برجسهم فوقها وقرروا الاستيلاء عليها لبناء مراس للفنادق العائمة في النيل التي تجري فوقها حاملة كل أنواع الفسق والفجور من الجنس إلى الخمور والنبيذ، وتسكب غسيلها غير الطاهر في ماء النهر العظيم.
الوطاويط قرروا سلبها ومحافظ الأقصر وافقهم وبصم لهم بالعشرة هدية لهم من المحافظة الجديدة التي زارها الرئيس مبارك قبل عدة أيام ليعلن تحويلها من مدينة ذات امتيازات خاصة إلى محافظة.
يبشرنا المستثمر الشاب إنها ستكون "دبي" أخرى.. أما كيف.. فهو سر المهنة!
يا مستر معتز ويا مستر حسين فهمي.. حرام عليكما وعلى هؤلاء المتسلطين في السلطة. ماذا فعل الناس بكم حتى تطردوهم من شققهم وتسلبوهم أرضهم وتحبسوا عنهم رزقهم.. من أين سيأكلون ويشربون؟!
تقوم الخطة على نقل أهل المريس والطود من بيوتهم الفسيحة التي بنوها بعرقهم وكدهم وأموالهم التي قاسوا الأمرين في سبيل جمعها، وتعويضهم بشقق صغيرة ينامون فيها مع دجاجهم وبطهم وحمامهم وحميرهم وغنمهم!
ويبقى السؤال الحائر: بماذا سيعوضونهم عن خير الأرض الرباني؟!