
كتب:daraweesh
كثيرا ما يتغني جمهور النادي الاسماعيلي بعبارة ( الاسماعيلي أول فريق مصري يفوز بالبطولة الإفريقية ), و يشاركهم في ذلك العديد من الإعلاميين و المعلقين علي المباريات و بالبرامج الرياضية و بالصحف.. الخ الخ
و لكن الحقيقة أن نظرت إلي العبارة ذاتها, ستجدها مكررة و معادة في كل الدول التي حصلت أحد أنديتها علي كاس البطولة الإفريقية للأندية أو الكونفدرالية و غيرها
ستجد في مالي: نادي اوريكس دوالا أول نادي يحصل علي البطولة الإفريقية. و في ساحل العاج : ستجد نادي استاد ابيدجان أول نادي ايفواري يحصل علي البطولة الإفريقية .. و في الكونغو كينشاسا : نادي انجلبير أول نادي كونجولي يحصل علي البطولة الإفريقية .. و كذلك الأمر في غانا و في الجزائر و في المغرب و في تونس ..و في مصر : كان الاسماعيلي أول نادي مصري علي الكأس الإفريقية. إذن الأمر عادي و طبيعي أن يكون هناك: أول نادي من دولة ما يحصل علي البطولة الإفريقية.. إذن العبارة ليست انجازا في حد ذاتها أو شئ خاص جدا جدا.
إذن واجب علينا أن نبحث و ندرس و نعلم …أين العظمة في عبارة
( الاسماعيلي أول فريق مصري يفوز بالبطولة الإفريقية )… ؟ .
و كبداية لابد أن نعلم أن النادي الاوليمبي السكندري العريق و الكبير , كان أول نادي مصري يشارك ببطولة كاس إفريقيا للأندية 1966 ,النسخة الثالثة بصفته بطل الدوري موسم 1965/1966 ..و تخطي الاوليمبي فريق الهلال السوداني بدور ال 16 و بدور ال 8 خسر 3-2 من فريق سانت جورج 3-2 في أثيوبيا ..و ينسحب الاوليمبي بسبب قيام حرب أو نكسة 1967. و اعتذر الترسانة و الزمالك من قبل.
فريق كوتوكو الغاني
بطولة إفريقيا للأندية الرابعة كانت بدايتها في أول ابريل عام 1968 و كان الاسماعيلي يحمل لقب بطل الدوري موسم 1966/1967و من حقه المشاركة فيها و اخطر الاتحاد المصري لكرة القدم من قبل الاتحاد الإفريقي قبل بداية عام 1968 من اجل ترشيح الفريق المصري المشارك ,, لكن كان الاسماعيلي يستعد لعمل جولات خارجية من اجل دعم المجهود الحربي و كانت موافقة وزير الشباب محمد طلعت خيري في 20 ديسمبر 1967 علي خطة سفر الاسماعيلي للدول العربية بعد تقديم ملف وافي عن مواعيد السفر و الجولات و توقيتها و الدول المزمع السفر إليها . و كان من الضروري اتخاذ قرار بالمشاركة بالبطولة الإفريقية أو بجولات المجهود الحربي… و بالفعل اعتذر الاسماعيلي عن المشاركة بالبطولة الإفريقية 1968 لانشغاله برحلات المجهود الحربي ..كما اعتذر أندية مصرية أخري عن المشاركة بالبطولة الإفريقية لعدم الجاهزية و توقف النشاط الرياضي بعد حرب 1967… و لنعلم أولا :
كيف قرر الإسماعيلي الاشتراك بالبطولة الإفريقية
المناخ العام في مصر
لمعرفة معنى القرار الصعب والتاريخي لمسئولي النادي الإسماعيلي بالمشاركة في بطولة الأندية الإفريقية،.. علينا العودة قليلاً إلى ما كان يحيط بمشاعر الشعب المصري قبلها لعامين. والحقيقة تقول أنه لن يشعر أحد بمرارة هزيمة يونيو 1967 إلا من عايش تلك الفترة الحزينة التي مرت على بلدنا مصر وخاصة في الأشهر الأولى بعد ما أطلقوا عليها ( النكسة ). وتزامن ذلك مع أقاويل وحكاوي ، رددها الإعلام لتبرير أسباب الهزيمة وإبعادها عن التفسير العقلاني والحقائق، لدرجة أن تحدث الإعلام عن أن أحد أسباب الهزيمة هو الأغاني والمطربين ونجوم الفن والتمثيل وأيضا لاعبي كرة القدم! خرجت مقالات غريبة تتحدث بشكل غير لائق عن رياضة كرة القدم واعتمدت المقالات على ما صدر من قرار تسريح من الجيش لمعظم نجوم كرة القدم العاملين في مجال كرة القدم ولم يتبق منهم إلا عدد لا يتجاوز قليل للغاية…. و أيضا سارت أصحاب الأقلام الصحفية في ركب الإشاعات والحكاوي التي تداعب خيال القراء. وأستمر هذا الحال عدة أشهر قليلة وبدا الأمر وكأنه تنفيذا لتعليمات الحرب النفسية على الشعب المصري، برعاية وتخطيط صهيوني للتشكيك في عناصر الجبهة المصرية الداخلية. واهتمت أبواق الدعاية الصهيونية بترديد مقولة أن إحتلال شبه جزيرة سيناء والضفة الغربية وهضبة الجولان السورية، هي مكاسب إسرائيلية دفاعية بحتة، ومن ثم، فإن إسرائيل غير ملزمة بإعادة تلك الأراضي المحتلة.
بداية عودة الرياضة برحلات الاسماعيلي للمجهود الحربي
كان مسئولي النادي الاسماعيلي قرروا اقامة جولة لفريق الاسماعيلي بطل الدوري , في المحافظات المصرية لصالح القوات المسلحة ( كان هذا القرار قبل حرب يونيو 1967 بأيام ) .. و بعد الحرب – اصبحت كرة القدم متهمة كما أوحنا و اهتزت النفسية المصرية بشكل حاولنا ان نوضح تبعاده .. لكن سرعان ما تماسكت الجبهة الداخلية المصرية، و ظهرت بوادر مشجعة في كل المجالات التي تحيط بالشعب المصري .. من ثم كان البحث عن فرحة إنتصار مناسبة في الجبهة المصرية الداخلية شئ هام وضروري للغاية. وكان لابد للرياضة المصرية من المشاركة في إعلان الصمود والتحدي … ولم يكن ذلك إلا من النادي الوطني الأول في مصر وهو النادي الإسماعيلي أبن مدينة الإسماعيلية المكافحة. وكان القرار في 8 أكتوبر 1967 بالقيام بعمل جولة في الدول العربية والخليجية. ومن الطبيعي قيام مسئولي الإسماعيلي ببعض المشاورات والترتيبات مع القيادة السياسية للبلاد من أجل إعلان هذا القرار الجليل والمحترم، والذي كان عبارة عن طاقة نور في وسط ظلام أحاط برياضة كرة القدم من أجل إعادة الروح إلى بدن الرياضة المصرية.
و بالفعل نشر القرار في جريدة الأهرام بتاريخ 8 أكتوبر 1967 بعنوان :
الإسماعيلي يلعب في 10 دول عربية
سيلعب النادي الإسماعيلي بطل الدوري العام في كرة القدم في 10 دول عربية يزورها من ديسمبر القادم. ووافق طلعت خيري وزير الشباب على سفر الفريق إلى الدول العربية العشر: الكويت وقطر والبحرين والعراق ولبنان ( في ديسمبر ).. ثم ليبيا وتونس والجزائر ( في يناير ) … ثم السودان والسعودية ( أخر فبراير ) ودخل المباريات سيحول إلى المجهود الحربي… الإسماعيلي سيقيم معسكرا في القاهرة يستمر شهرا كاملا تحت إشراف مدربه طومسون الذي تقرر استدعاءه.
قام النادي الإسماعيلي بدوره الوطني خير قيام من خلال الجولات الخاصة لصالح المجهود الحربي. وتناقلت وكالات الأنباء العربية والإعلامية الدور الجليل الذي قام به النادي الإسماعيلي، ليس لصالح المجهود الحربي فحسب. إنما للإعلان وتأكيد أن الجبهة الداخلية المصرية صامدة عمليا وأن الشباب المصري بدأ العودة لدوره الوطني وأن الرياضة المصرية بخير وستعود أفضل من ما كانت عليه. و بالفعل بدأت الرياضة المصرية للعودة إلي مضمار السباق , ليس في كرة القدم فقط و لكن بالألعاب الاخري مثل السباحة و العاب القوي و كرة السلة و الملاكمة و غيرها.
كانت إدارة النادي الاسماعيلي مستمرة في جولاتها الخارجية بالدول العربية و طلب الاتحاد الإفريقي لكرة القدم من مسئولي الاتحاد المصري تحديد موقفهم بالمشاركة بالبطولة الخامسة للبطولة الإفريقية للأندية و خاصة أن مصر من الدول المؤسسة للاتحاد الإفريقي و مشاركة مصر بالبطولة شئ هام و ضروري .. و تشاورت إدارة النادي الاسماعيلي ممثلة بالمهندس عثمان احمد عثمان مع مستشاريه من الصحفيين و الخبراء في مجال كرة القدم و امتدت المشورة إلي رجال السياسة , حيث كان مجال اللعب في دول إفريقيا و فيها الدعاية الصهيونية علي أشدها و المتحكم في أمور عديدة مؤسسات صحفية تقوم برعاية العديد من الفرق الإفريقية كستار لا يخفي عن متابعي أرباب السياسة. و أن مشاركة الاسماعيلي بالبطولة الإفريقية تتطلب استعدادا كبيرا بخلاف الأمور الفنية و هي أمور التنظيم و التمويل حيث كانت التكلفة باهظة للغاية للسفر و الإقامة خارج مصر و خزينة النادي خاوية بسبب توقف الدوري و النشاط المحلي لكرة القدم . كل تلك الأمور لم تقف عائق أمام القرار الشجاع بالمشاركة بالبطولة الإفريقية للأندية 1969.
تطور البطولة الإفريقية للأندية في نسختها الخامسة 1969
فريق استاد ابيدجان الفائز ببطولة افريقيا للاندية 1966
علي نحو غير متوقع صدرت صحف يوم 23 إبريل 1969 ، تحمل إعلان الإتحاد الإفريقي لكرة القدم أن النادي الإسماعيلي سيشارك في البطولة الإفريقية الخامسة لكرة القدم ممثلا للجمهورية العربية المتحدة وذلك في المجموعة ( أ) ومعه بطل الصومال والسودان وليبيا وكينيا.
نشر تقرير بعنوان: الإسماعيلي يستعد للاشتراك في بطولة أندية إفريقيا لكرة القدم في جريدة الأهرام بتاريخ 7 مايو 1969 وبقلم ا. إسماعيل البقري ، كان التقرير عبارة عن حالة رثاء لحال فريق الإسماعيلي عبر نقاط حددها الكاتب الصحفي الكبير تدعو إلى القلق على مشاركة الإسماعيلي بالبطولة الإفريقية وكأنها مغامرة لابد أن بتم الحساب والاستعداد لها جيدا وعدم ترك أي جانب إلا ويجهز جيداً لإمكانية ظهور الفريق الإسماعلاوي بشكل جيد بالبطولة الإفريقية التي تطورت كثيرا والأندية بالقارة السمراء وأصبح للاعبيها صيت كبير وخرج العديد منهم للاحتراف الأوروبي .
والحقيقة أن تقرير الأستاذ إسماعيل البقري كان موضوعياً وواقعياً ، حيث كانت البطولة الإفريقية في نسختها الخامسة قد وصلت إلى مستوى عالٍ فنياً وبدنياً وتنظيمياً والمشاركة فيها من قبل فريق مصري ,لابد أن يكون جاهزا فنيا وبدنيا وان الفرق الإفريقية يرتفع مستواها عاما وراء عام وظهر فيها لاعبين موهوبين للغاية .
و كانت البطولة الخامسة للأندية الإفريقية 1969 التي شهدت توسعاً ونظاماً جديدا سمحت لمشاركة للأندية بصورة لم تحدث من قبل. أصبحت البطولة الإفريقية تحتل مكاناً بارزاً في عالم كرة القدم واهتمت بها وكالات الأنباء العربية والأوربية بصورة جديدة تماما.
و اشتملت البطولة الافريقية الخامسة علي 20 فريق من 20 دولة تنافس في 35 مباراة كرقم قياسي في ذلك الوقت. و علي قمة الفرق المشاركة و المرشحة للقب البطولة , فريق الانجلبير بطل الكونغو الديمقراطية كينشاسا بطل النسختين السابقتين للبطولة بنسختها الثالثة و الرابعة .و يرغب الانجلبير بالفوز بالبطولة الثالثة علي التوالي لكي يحتفظ بالكأس مدي الحياة .
والفريق أسمه ” لوتويويسان انجلبير” أي ” القوي القدير و تم دمجه و تكوينه من فريقين كبيرين بصفة أساسية هما الإنجلبير دولو مومباشي بطل أندية إفريقيا عامي 1968،1967و هذه وحدها شهادة اعتماد لقوة الفريق ، والنادي الثاني هو سانت الوا بطل دوري الكونجو عام 1968. ويدرب الفريق الكونغولي القدير : سيلستين تامبوي و حقق اللقب مرتين مع الانجلبير بطولتي 1967 و 1968،و يريد ان يحصل علي اللقب الثالث على التوالي،
لكن كيف كان الوضع الفني و الإداري بالنادي الاسماعيلي قبل البطولة الإفريقية
سنجاوب عن ذلك بالجزء الثاني .. انتظرونا بإذن الله تعالي
