
كتب:daraweesh
كنا وصلنا في الاجزاء السابقة الي موعد تألق الهر الساحر علي ابو جريشة و البداية مع الشهرة و الابداع الجريشاوي
راجع الجزء الاول
و الجزء الثاني
و شجع الكابتن صلاح أبو جريشة شقيقه الأصغر كثيرا بجانب المجري كوفاتش الذي لم يريد أن يترك أبو جريشة ضحية للهواجس و الأوهام. و أشركه في مباراة الإتحاد السكندري في بطولة كاس مصر وأحرز هدف الدراويش في مباراة إنتهت بالتعادل بهدف لكل فريق لتعاد المباراة حسب نظام المسابقة , في الإسكندرية و ليفوز الإتحاد بثلاثة أهداف نظيفة.
و وجد الناشئ علي أبو جريشة نفسه في مواجهة مع ذاته ,و عندما إستمع إلى كلمات مدرب الفريق المجري كوفاتش انه سيكون أساسيا بالفريق في مواجهة الزمالك و أمام جماهير الإسماعيلي في المدرجات … ليثبت نفسه في فرصة ذهبية يقدمها المدير الفني له و علي الناشئ علي أبو جريشة إستغلال تلك الفرصة جيدا و أن عليه تذكر مباراة الإتحاد السكندري في كاس مصر. و كيف سجل علي أبو جريشة هدف الإسماعيلي في مباراة شهد الإعلام بأداء أبو جريشة و هتفت الجماهير له في 25 مارس 66 و هي نفس الجماهير التي هتفت ضده في 11 فبراير 66 .
و يجب علي الناشئ أبو جريشة إستعادة هتافات الجماهير له و هي نفس الجماهير التي يمكن ان تهتفت له أو ضده في إبريل 1966 أمام الزمالك.
كيف يمكن للنجم الصاعد علي أبو جريشة .. تحقيق تلك المعادلة
كان الناشئ علي أبو جريشة في موعد جديد للتحدي و إثبات ذاته من جديد و هو يعلم ذلك و مع كل ما يحيط به من طريقين.. اما خوض مباراة الزمالك.. أو إعتزال لعب كرة القدم و الدخول في نفق مظلم تماما. كانت مباراة الزمالك و الإسماعيلي علي أرض الإسماعيلية في الأسبوع 20 من المسابقة في أول إبريل 1966 و أول أيام عيد الاضحي المبارك.
فريق الزمالك كان خارج من نصر كبير بالأسبوع 19 علي غريمه النادي الأهلي بهدفين إعتبارين بعد الغاء المباراة. و لكن الإسماعيلي خارج من هزيمة بهدفين نظيفين من المصري البورسعيدي. و رصيد الزمالك 24 نقطة بالمركز الأول بفارق الأهداف عن الأوليمبي بنفس الرصيد و الإسماعيلي برصيد 19 نقطة بالمركز الثالث و بالمناسبة الزمالك لم يتنازل عن المركز الأول طوال الموسم منذ بدايته.
و الإسماعيلي لم يفوز علي الزمالك بالدروي من موسم 62 . و الزمالك يعتبر مباراته مع الإسماعيلي هي المفتاح الرسمي للفوز ببطولة الدوري مع منافسه النادي الأوليمبي السكندري.
و لعلنا نحتاج معرفة تحفز نادي الزمالك الذي لم يتمكن الإسماعيلي من هزيمته منذ موسم 63/62 بنتيجة 3/1 بهاتريك الكونت دي شحته في 8 مارس 1963 و من بعدها خسر الإسماعيلي 3 مباريات مع الزمالك 2/4 و 0/1 و 1/4 و تعادل في مباراة واحدة 0-0 و هو ما جعل المهندس محمد حسن حلمي مدير الكرة بالزمالك يقول للاعبيه إنه ليس بين الزمالك و لقب بطولة الدوري الا 90 دقيقة و من بعدها يعود الزمالك إلى القاهرة و هو البطل الفعلي للدوري.
و خاصة ان لقاء الترسانة مع الزمالك بعد الإسماعيلي مضمون للقلعة البيضاء و سيكون الزمالك في ختام الدوري في ضيافة منافسة الوحيد الأوليمبي السكندري و في حال تحقيق الفوز علي الترسانة و الإسماعيلي , سيكون لقاء الإسكندرية تحصيل حاصل .. المهم يستمر تفوق الزمالك علي الإسماعيلي بالفوز في مباراة الفريقين في 1 إبريل 1966 . و يقام في نفس توقيت مباراة الإسماعيلي و الزمالك, مباريات السويس و السكة و الإتحاد السكندري مع الطيران في سباق الهروب من القاع .أما مباراة الأوليمبي مع المحلة و هو لقاء هام جدا في سباق المقدمة ,, و يركز نادي الزمالك مع الفريق السكندري بشكل أساسي و الذي يطلق عليهم لقب التتار نظرا للمباريات القوية التي يؤديها الأوليمبي طوال الموسم.
اما المهندس عثمان أحمد عثمان رئيس الإسماعيلي قال للفريق قبل ليلة المباراة ان فوزكم علي الزمالك سيمحي أثار كل الهزائم السابقة و قال الاستاذ سالم القاضي نائب الشعب بالإسماعيلية : سنفوز بهدفين و كما خسر الزمالك من الطيران في أول أيام عيد الفطر – سيخسر الزمالك من الإسماعيلي في أول أيام عيد الأضحي !.
كل تلك الأمور- كان يتحدث عنها الإعلام بكثافة – كانت تلقي عبء شديد علي كاهل الناشئ أبو جريشة و إختار أبو جريشة المشاركة في المباراة و لم يسال المدير الفني المجري كوفاتش الاعتذار عن المشاركة أساسيا. و هو ما جعله يستمع و بتركيز شديد إلى كابتن الفريق شحته و كان عملاقاً في المعالجة النفسية و تحفيز اللاعبين و الفريق.
أبو جريشة و المرهم السحري المستورد
لاحظ كابتن الفريق الكونت دي شحته , تردد الناشئ أبو جريشة و إنه يشكو من ألم في قدمه .! وقام كابتن الفريق بحيله ماكرة مع الدكتور شوقى عطا الله وكيل النادى في ذلك الوقت و قررا اللعب على الوتر النفسى للناشئ أبو جريشة ,,, وأحضر الدكتور شوقى مرهم وقال لأبو جريشة إدهن قدمك به وستصبح أحسن لاعب في مصر و إنه سرى ومستورد. وأقتنع الكابتن على بسحر و قدرة ذلك المرهم المجهول ! , لانه ببساطة كان كالغريق الذي يريد ان يتعلق في قشة – ربما تساعده علي النجاة من الغرق. المهم ان اللاعب علي أبو جريشة تواجد في تشكيل الفريق الأساسي و المكون من : عبد الستار و عبد العزيز صالح و ميمي درويش و حودة و منعم معاطي و العربي و أميرو و سيد حامد و سيد عبد الرازق و شحته و علي أبو جريشة و يلعب بطريقة 3/3/4
تشكيل الزمالك, لا يستهان به و مكون من سمير محمد علي و يكن حسين و أحمد مصطفي و جلال شوقي و الجوهري و علي محسن و عمر النور و حمادة إمام و فاروق السيد و يلعب بطريقة 3/3/4 أيضا و حكم المباراة الدولي علي قنديل.
و بدأت المباراة الهامة في تاريخ الهر الساحر علي أبو جريشة .. بشكل لم يكن يتوقعه أحد علي الإطلاق و ظهر الدراويش بصورة عملاقة و أستحوز علي الكرة و الإنطلاقات من الأجناب و ساعد الدراويش, التوتر النفسي الذي صاحب لاعبي الزمالك من بداية اللقاء.
و حتي إن الدقيقة الخامسة أعطت الثقة للناشئ علي أبو جريشة عندما طار أعلي من الجميع و لحق عرضية بالمقاس و سدها براسه قوية و تالق حارس الزمالك سمير محمد علي في التصدي لها من زاوية التمانينات بشكل أكروباتي رائع و زاد من حلاوة رأسية أبو جريشة. و تضيع فرصة ذهبية من سيد بازوكا ترتطم في يد الحارس و تخرج إلى كورنر . أما كابتن الفريق الكونت دي شحته فيراوغ دفاع الزمالك بأكمله و ينفرد و لكنه يفكر مرتين و يضيع إنفراد لا يضيع.
و يعود العربي إلى منتصف الملعب و يوزع تمريرات حريرية إلى الأمام و يؤكد علي عدم قدرة لاعبي الزمالك في اللعب بطريقة 3/3/4. أما خط الظهر المكون من ميمي درويش و حودة و عبد العزيز صالح , فظهر الإلتزام علي كل مركز و هو ما إختفي معه هجوم الزمالك حمادة إمام و علي محسن والجوهري و ظهروا تائهين في الملعب تماما.
و قبل نهاية الشوط الأول يهرب أبو جريشة من الرقابة و يهدي تمريرة إلى الكونت دي شحته في إنفراد و يدوس علي الكرة و يتقدم و لكن يسدد فوق العارضة بياردة كاملة.
و ينتهي الشوط الأول بالتعادل السلبي بين الفريقين و يعود مدير الكرة بالزمالك محمد حسن حلمي ليؤكد لفريقه ان أمام الفريق 45 دقيقة ليؤكد أحقيته بلقب بطل الدوري !.
اما علي الجانب الاخر كانت تعليمات المجري كوفاتش صارمة بضرورة الرقابة لمفاتيح اللعب بالزمالك وترك حرية الحركة لأبو جريشة و العربي في الوضع الهجومي و تحرك شحته من خارج الصندوق لإستغلال مهاراته في إستخلاص الكرة و عدم فقدانها في الاشتباك مع المنافس.
العيد في الإسماعيلية و الزمالك ضحية
و بدء الشوط الثاني بلمحات جميلة من أبو جريشة و العربي وسط تشجيع جنوني بالمدرجات من الدراويش . و بعد مرور خمسة دقائق يمرر أبو جريشة تمريرة بالمقاس إلى أميرو الجناح الايمن ويسدد بقوة في الشبكة من الخارج و يهيص جماهير الدراويش.
و بالدقيقة 15 دربكة عنيفة أمام مرمي سمير محمد علي و أربعة كرات تسدد في إتجاه المرمي في أقل من 15 ثانية و يخرجها أحمد مصطفي و شوقي و جلال و الأخيرة يحتضنها سمير محمد علي و كأنه يعلن عن إنتهاء الغارة الدرويشية.
و يظهر الزمالك تائها و كانه غير الفريق الذي به 7 لاعبين بالمنتخب القومي و إنحصر لعب الزمالك في منتصف الملعب و تنتهي بتمريرات مقطوعة و لم يشعر الجميع بتواجد فاروق السيد في الجناح الأيمن و هو المكان الذي يبدع فيه. و في الدقيقة 22 التي تعلن عن بداية سيرك الدراويش حيث يستلم سيد عبد الرازق الكرة و يمررها إلى شحته و ينطلق بازوكا و يمرر شحته الكرة إلى علي أبو جريشة المتاخر و ينطلق شحته أيضا و يوسع أبو جريشة لنفسه بغرزة للمدافع و يمرر الكرة إلى شحته في مكان سحري و يضع الكرة أرضية زاحفة من اللمسة الأولي علي شمال سمير محمد علي و مسجلا الهدف الأول للدراويش.
و تنفجر المدرجات بالهتاف : صلي علي النبي صلي النبي – بص شوف شحته بيعمل ايه
و يرتبك لاعبي الزمالك و يبتعد تماما عن التركيز و لا يستطيع أحمد جلال أو يكن من ايقاف خطورة بازوكا و أميرو. و بالدقيقة 31 يقدم أبو جريشة فاصلا مهاريا بالمراوغة و التقدم بالكرة و يمرر إلى شحته و التي يلمح أميرو متقدما و يهديه الكرة أرضية ليسدد أميرو في شباك الزمالك مسجلا الهدف الثاني للدراويش . فتح الهدف الثاني شهية الموهبة العربي في المراوغة و قدم فاصلا مهاريا كعادته والفريق متقدم و هو ما تفاعل معه الجماهير بقوة.
و لم تكاد ربع ساعة تمر علي الهدف الأول و بالدقيقة 35, يحصل أبو جريشة علي فاول بعد فاصل من المهارة و إستلام الكرة علي الرأس و الركبة و يحتسب علي قنديل فاول علي بعد ياردة من خط منطقة الجزاء و ليتصدي ميمي درويش و يسدد الكرة أرضية زاحفة تمر من الحائط و تسكن شباك مرمي الزمالك مسجلة الهدف الثالث للدراويش.
و تنفجر المدرجات للهتاف للدراويش و تتغني بالفوز و الأهداف الثلاثة للداويش
و يحتسب الحكم علي قنديل ضربة جزاء للزمالك و ينذر ميمي درويش لإصطدامه مع جسم حمادة إمام بدون كرة وكان أن انذر منعم معاطي و عبد العزيز صالح من قبل . و أثناء توقف المباراة للعب ضربة الجزاء, لمح الحكم محمد قنديل احد مشجعي الإسماعيلي اسمه رجب و هو يرش مياه علي لاعبي الدراويش للتخفيف من حرارة الجو و قام بطرده من الملعب بواسطة الشرطة !
و يسدد فاروق السيد ضربة الجزاء بقوة و لكن في العارضة و يضيع هدف محقق للزمالك
الطريف ان الجماهير ذهبت للهتاف : زمالك ..زمالك .. و كانها تشكر فاروق السيد علي أضاعة ضربة الجزاء
و يتسيد الإسماعيلي باقي الشوط الثاني و المباراة و يتألق خط دفاع الدراويش و وسط تشجيع هستيري من المدرجات فرحاً بالأهداف و الفوز و لتغني المدرجات : مبروك الدوري يا أوليمبي ….. و وسط ابتسامات كل من في الملعب !
و تنتهي المباراة بفوز الدراويش بثلاثة أهداف نظيفة و تهتف المدرجات للاعبين..لكن المهاجم علي أبو جريشة يجري نحو الكابتن شحته ليعانقه و الدموع في عينه و من بعدها يغادر الملعب مسرعا إلى غرفة الملابس و كأنه في حلم .. لا يريد ان ينتهي أو يستيقظ منه.
و يسجل الفنان صلاح جاهين بريشته أحداث تلك المباراة التاريخية .
