
كتب:daraweesh
نواصل في الجزء الثاني عن تأثير اللواء محمد حسن عبد اللطيف محافظ الاسماعيلية في تاريخ النادي الاسماعيلي وعبر مواقف كانت صعبة للغاية وتخطاها الرجل في منتهي الكفاءة والاخلاص
كنا توقفنا عند الصاعقة التي ضربت فريق الاسماعيلي و جماهيره في 12 اكتوبر 1961
راجع الجزء الاول
اللواء حسن عبد اللطيف و دوره في تاريخ الدراويش
ولا احد يستطيع تفسير منح كابتن الفريق وقائده الاستغناء وفي منتصف الموسم الكروي الذي بدأ فيه طائر الامل يرفرف علي النادي الاسماعيلي وجماهيره بعودة فريق الدراويش الي الدوري الممتاز – صراحة لا اجد تفسيرا لما اقدم عليه مجلس ادارة الاسماعيلي بقيادة الدكتور سليمان عيد الا بما عبرت عنه في الجزء الاول بعبارة بسيطة ولكنها تحتوي الكثير من المعان وهي ان ( ادارة البكوات ما قبل ثورة 1952 لم تكن مناسبة لفترة ما بعد الثورة ) و و هو الدليل القطعي لانفصال مجلس ادارة الاسماعيلي عن امال وتطلعات الجماهير في ذلك الوقت وهو تكرار مأفون للعباراة الخائبة والمستفزة ( النادي لا يقف علي لاعب مهما كان حجمه ) وهي السر الاسود لكل أزمات النادي الاسماعيلي منذ فجر تواجده علي الساحة الكروية الي اليوم
لم يكن امام اللواء محمد حسن عبد اللطيف الا باصدار قراره التاريخي باقالة و حل مجلس ادارة النادي الاسماعيلي برئاسة الدكتور سليمان عيد بالكامل في 12 نوفمبر 1961 و كان قرار سريع لتهدئة المور في النادي و في الفريق و تولي اللواء حسن عبد اللطيف تصريف امور النادي بنفسه و يعاونه المهندس عبد الحميد عزت سكرتير عام المحافظة و جعل اللواء حسن عبد اللطيف من مكتبه ’خلية نحل لتنظيم كل ما يخص النادي و لاعبي كرة القدم و كان اولي ما قام به الاجتماع مع مدرب الفرق الكابتن علي عمر و كباتن الفريق رضا و شحتة .. لنسيان ما تحدثت عنه الاخبار عن موضوع الاستغناء عن رضا كانه لم يكن حتي نهاية الموسم و تحقيق امل الجماهير بعودة الفريق الي دوري الاضواء و كانت اولي المفاجأت التي علم بها المحافظ ان الفريق يتدرب بكرة واحدة و عندما تفسد كانوا يقترضون كرة من النادي النوبي حتي يتم اصلاح الكرة الوحيدة بالنادي و كان القرار بشراء عدة كرات لمران الفريق و اطقم ملابس للمران و التدريبات و غيرها من الامور التيسيرة لفريق و اصدر اللواءعبد اللطيف بصفته رئيس مجلس المدينة في اول ديسمبر 1961 ,قرار تعيين الكابتن رضا كمشرف علي النشاط الرياضي بمجلس المدينة و براتب 20 جنيه ..و كلف اللواء عبد اللطيف المهندس عبد الحميد عزت بالاجتماعي الدوري مع الكباتن عليعمر رضا و شحتة لتيسير امور الفريق و ازالة كل الصعوبات لتحقيق امل الجماهير للصعود الي الدوري الممتاز
و بالفعل كانت الاحتفالية في الاسماعيلية بالعودة الي دوري الاضواء و الشهرة في 6 ابريل 1962 و ضمن المركز الاول برصيد 24 نقطةو من خلفه فريق دمنهور 19 نقطة ثم السويس بعد الفوز علي دمنهور العنيد 3-0 و سجل رضا هدفين و اميرو هدف ..ثم كان الحفل الختامي في اخر مباراة في موسم 61/62 بفوز الاسماعيلي 4-1 علي السويس في 22 ابريل 1962 سجل رضا ثلاثة اهداف و اميرو هدف و سجل للسويس حمد الله و تصدر البطولة برصيد 27 نقطة من 13 فوز و تعادل واحد و خسارة واحدة
و شعر اللواء محمد حسن عبد اللطيف انه قد أدي رسالته كرئيس مؤقت للنادي الاسماعيلي و اصدر قرار بتولي المهندس عبد الحميد عزت رئاسة الاسماعيلي من اول يناير 1962 و كان يتكون المجلس من م. عبد الحميد عزت رئيسا و جلال إبراهيم أمين للصندوق و الأعضاء أنور راجح و إبراهيم القرش و حسن الإمام و على صقر و محمود عبد الرحيم سليمان و يوسف عبد الرازق و عصمت قاسم و على الزبير و شوقي عوض الله
لكن النار ..كانت مازالت تحت الدمار و في انتظار اللواء محافظ الاسماعيلية محمد حسن عبد اللطيف للتعامل معها بقوة و حكمة
وكانت ازمة انتقال كابتن الفريق و اسطورة الدراويش رضا الي النادي الاهلي
بعد الاعلان رسميا عن صعود الاسماعيلي الي الاضواء ,, اقيمت حفلات الاستقبال للاعبين و كثرت الصور الفوتوغرافية و التصريحات بتحسين احوال اللاعبين و النادي و …. و …. و في النهاية وجد رضا مكافاءة الصعود من محافظة الاسماعيلية في يونيو 62 ,,, هي منحه مبلغ خمسة جنيهات كمبلغ اضافي لوظيفته المؤقتة في مجلس المدينة ليصير راتبه خمس و عشرين جنيها فقط ..لا غير و ظل التعاقد مع رضا مع مجلس المدينة مؤقت و هو امر لم يرضي عنه من البداية كان يتمني وظيفة ثابتة و لو بثلاثة جنيها شهريا و لانه لا يملك الا كونه لاعب كرة قدم فقط و ليس له مستقبل في حال اصابته و توديع المستطيل الاخضر و لا يملك شهادة من الاصل تعينه علي مواجهة اعباء الحياه ومتطلباتها
فكان قرار الاسطورة رضا بالرحيل الي النادي الاهلي باستخدام الاستغناء القانوني الذي حصل عليه من مجلس الدكتور سليمان عيد و مر عليه 6 اشهر و كان يحتفظ به رضا دون اي مزايدة او تلويح و التهديد بالرحيل
و استيقظت الاسماعيلية علي خبر انتقال رضا الي النادي الاهلي و لم يهدأ لكل جماهير الاسماعيلي بال حتي يعلم السبب الذي دفع بكابتن الفريق و معشوق الجماهير بالرحيل من مدينته و التوقيع للنادي الاهلي مقابل 500 او 400 جنيه مع وظيفة محترمة تضمن له حياة اجتماعية مستقرة
و ثارات المدينة تطالب محافظها ان يتدخل باعادة رضا الي الاسماعيلي مهما كان الامر و توترت الاور تماما داخل الاسماعيلية و اوكل اللواء حسن عبد اللطيف الي المهندس عبد الحميد عزت رئيس النادي المعين و الذي قام بالاتصال بالناقد الاستاذ عبد المجيد نعمان رئيس القسم الرياضي بجريدة المساء و في نفس الوقت عضو مجلس ادارة النادي الاهلي و تعهد عبد المجيد نعمان بتسهيل مهمة تحرير الاستغناء من النادي الاهلي و اتفقا بعد مجهود مكثف عبر مراسل جريدة المساء بالاسماعيلية علي اللقاء في مبني الاتحاد العام لكرة القدم بالجزيرة و لم يكونا التقيا من قبل و ساعد الاستاذ سامي عمارة رئيس تحرير القناة علي تقريب وجهات النظر و بالفعل تم اللقاء بين رئيس الاسماعيلي و عضو مجلس ادرة الاهلي في اتحاد الكرة و حصل المهندس عبد الحميد عزت علي الاستغناء في الموعد المحدد و كان النادي الاهلي برا بعهده و اشترط عودة رضا باستغناء الي الاسماعيلي فقط و عاد رضا الي ناديه الحبيب و قابلت مدينة الاسماعيلية هذا الخبر بفرحة كبيرة و اطمان بال الجماهير التي عاشت علي اعصابها المتوترة و كادت تتحطم و حصل رضا علي ما طلبه من حقوق و لكن ظروف عمله ظلت كما هي نظرا لظروف الدرجات و الميزانية و العمل الحكومي
وفاة الاسطورة رضا … أزمة من نوع خاص
بالقطع كانت ازمة الرحيل و الوفاة المفاجئة لاسطورة الدراويش رضا في 28 سبتمبر 1965 , حدث هام و مؤثر في تاريخ النادي الاسماعيلي ,, و لكن علي الجامب التنظيمي و الاداري كان يحتاج مجهود خارق من مسئولي المحافظة لتمرير الحدث و اخراج صورة الجنازة لاسطورة الدراويش بشكل حضاري و احترام مشاعر الجماهير التي صدمت برحيل نجمها الاول و المحبوب
كان بداية الاحداث في الساعة الثانية عشرة ظهرا من يوم 28 سبتمبر 1965 ,,عندما تلقي اللواء محمد حسن عبد اللطيف من محافظ البحيرة وجيه اباظة الذي افاد ان في الساعة العاشرة و النصف صباحا توفي لاعب الكرة رضا في طريق الاسكندرية القاهرة الزراعي و بالقرب من مركز ايتاي البارود و قبل قرية زبيدة بعشرة كيلومترات و علي اثر انقلاب سيارته من ماركة ,,, كانت الصدمة هائلة علي اللواء عبد اللطيف و انهار و القي نفسه علي اقرب مقعد و دمعت عيناه لم يقوي علي الحديث ,, و ادرك محدثة صعوبة الموقف و لم يسمع ردا علي كلامه و قال : سارسل لكم الجتمان علي الاسماعيلية و البقية في حياتكم … و انتشر الخبر و أصبح شارع الجمهورية كبيت النمل و لم تلبث ان ضاقت الشوارع المحيطة بالبيت بالناس و لم تلبث الاسماعيلية أن خرجت كلها تلطم و نصرخ و نبكي حتي كأنه يوم القيامة قد حل دون سابق انذار ثم خرجت ايضا كل القري التي علي طريق الجثة و احتلت الشوارع , خرجت نفيشة و ابو صوير و القصاصين و التل الكبير و اصبح الطريق من العباسية الي الاسماعيلية طريقا مسدودا و عشرات الالوف علي الجانبين في إنتظار سيارة الاسعاف القادمة من دمنهور !!! مرة اخري دق جرس التليفون في مكتب محافظ الاسماعيلية و كان المتحدث هو وجيه اباظة و الذي قال : انا اسف , لم استطع ارسال جثة رضا في صندوق لان الصناديق اكبر حجما من سيارات الاسعاف الموجودة عندنا .. و لذلك ارسلت الجثة علي نقالة ,, مشكلة جديدة تواجه محافظ الاسماعيلية و لابد من حلها ففي المدينة خمسين الف انسان يقفون في انتظار رضا و علي طول الطريق عشرات الالوف و لو ان سيارة الاسعاف دخلت المدينة و عليها جثة رضا ملفوفة في قماش فقد يخطف الناس الجثة قد يمزقون الكفن و قد يحدث اي شئ لا يعلم مداه الا الله ,, و اصدر المحافظ امرا الي المجموعة الصحية في القصاصين باستقبال سيارة الاسعاف و وضع جثة رضا في صندوق مناسب ثم ارسالها الي الاسماعيلية لكن طبيب المجموعة الصحية قال ان المدينة كلها خرجت الي الطريق الزراعي و ان سيارة الاسعاف لو توقفت لحظة لا تستطيع استئناف رحلتها بعد ذلك و هناك حل اخر و هو الاصوب في مثل تلك الظروف ..ليس هناك الا معسكر القوات الجوية علي مشارف الاسماعيلية
و اتصل المحافظ بقائد القوات الجوية في منطقة القناة و طلب منه استقبال الجثة و وضعها في صندوق و ارسالها في موكب عسكري الي قلب المدينة اصدر قائد القوات الجوية امرة بتنفيذ الامر و فعلا وصلت سيارة الاسعاف الي مستشفي القوات الجوية في الساعة السادسة و الربع و في الساعة السابعة خرجت السيارة من جديد و فيها جثمان موضوعة داخل صندوق هذه المرة حول السيارة عشرة من راكبي الموتوسيكلات و يتقدم الموكب سيارتان من سيارات البوليس الحربي و يتبعه سيارة اخري
و لم يكن في المدينة تلك اللحظة مكان يتسع لقدم و تدفقت الوفود كالسيل علي المدينة الحزينة وعندما وصل الجثمان الي منزل الفقيد . كانت كل سكان المدينة خارج البيوت و ابواب البيوت كلها مغلقة و جميع اجهزة الراديو صامته و دور السينما مظلمة و المحلات اغلقت حدادا علي رضا و تحركت الجنازة في طريقها الي المسجد و من المسجد الي النادي الاسماعيلي ..ثم الي مقره الاخير – رحمة الله عليه
كان تصرف اللواء محمد حسن عبد اللطيف حكيما و مرتبا في ازمة رحيل اسطورة الدراويش رضا و مر اليوم بكل تنظيم و رقي و كانت جنازة مهيبة و محترمة و هذا امتداد لرحلة كابتن الدراويش الجميلة في عالم الساحرة المستديرة , و خير ختام لرحلة رضا في عالمنا الفاني
و هو ما يؤكد قيمة خبرة وقدرات المحافظ علي تسيير الامور مهما كانت درجة توترها و اهميتها و يبقي السؤال ..كيف اكتسب اللواء محمد حسن عبد اللطيف تلك الخبرات لادارة الامور الخاصة بالاسماعيلي بكل هدوء و حكمة
هذا ما سنحاول الكشف عنه في الجزء الثالث و الاخير
فقط علي موقع اسماعيلي اس سي
دار الوثائق الاسماعلاوية
